قبل قرابة العشرين عاما كانت شركة “نوكيا” مهيمنة على مجال الهواتف المحمولة وكلنا يتذكر هواتف “الدمعة” و”الباندا” التي كانت ترمز إلى وجاهة أصحابها في ذلك الزمان 😀 تلك الريادة التي كانت لنوكيا لم تستمر على هذا الحال، إذ بالغت الشركة على ما يبدو في تقدير قوة علامتها التجارية، ولم تتكيف مع التغييرات التي تحدث حولها، في الوقت الذي أدرك منافسوها أن البيانات هي مستقبل الاتصالات، وليس المكالمات الهاتفية الصوتية التقليدية.
اهتز عرش نوكيا في منتصف سنة 2007 م حين أطلق ستيف جوبز هاتف آيفون ثم زادت سامسونج الطين بلة سنة 2008 م بإطلاق أجهزتها الأولى العاملة بنظام أندرويد.
تصاعدت صرخات الإستغاثة داخل أروقة الكيان الفنلندي التي نادت بضرورة تصحيح المسار ودراسة السوق بواقعية إلا أن غطرسة الإدارة واهمالها لأي نوع من الإبتكار أو التطوير سارع بانهيار هذه الإمبراطورية رغم استفاقتها المتأخرة سنة 2010 م بإطلاقها جهاز N8 العامل بنظام أندرويد..
هذا السقوط المدوي لنوكيا كان محل دراسة في مختلف المجالات كالإدارة والإبتكار والتسويق .. لكن الأهم من ذلك كله هو الإجماع أن تحليل البيانات مَثّل الحلقة المفقودة التي أهملها صانعو القرار في نوكيا وأدت إلى انتهاء زمن جوالات الطيبين.
البيانات .. الكنز الذي لا يعرف قيمته إلا القليل
تُقدّم البيانات ميزة تنافسية للمؤسسات اذا أحسنت الاستفادة منها وتحليلها إذ تُقدّم فهما أعمق لعملائها ومتطلباتهم ويساعد ذلك على اتخاذ القرارات داخل المؤسسة بصورة أكثر فاعليّة بناء على المعلومات المستخرجة من قواعد بيانات العملاء وبالتالى زيادة الكفاءة والربح وتقليل الهدر فباستخدام أدوات تحليل البيانات استطاعت وول مارت Walmart تحسين نتائج البحث عن منتجاتها عبر الأنترنت بنسبة 10-15% أما في المجال العقاري ووفقًا للتقارير الصادرة في أغسطس 2018، استطاعت شركة زيلو Zillow بناء قاعدة بيانات لـ 110 مليون منزل يقع في الولايات المتحدة الأمريكية. وهذه هي أكثر قاعدة بيانات عقارية شاملة في البلاد بأكملها ما جعل زيلو تحظى بشعبية كبيرة في سوق العقارات الأمريكية.
محلل البيانات .. اللي ما يعرف الصقر يشويه
بعض الشركات تَعْزُفُ عن توظيف محلل البيانات لعدم معرفتها بقيمة هذا “الصّقر” وفيما يلي بعض الأدوار التي يضطلع بها هذا الكائن المجهول🙂:
تحليل البيانات :
يتمثل الدور الأساسي لمحلل البيانات في جمع المعلومات من عدة مصادر موثوقة ثم تحويلها إلى بيانات ذات قيمة للشركة يمكن استخدامها لفهم سلوك العملاء والوضع الحالي لعمليات البيع والشراء والتوقعات السوقية وما إلى ذلك.
اتخاذ القرارات:
بناء على بيانات تم جمعها بإمكان محلل البيانات توفير الأرقام والتحليلات الدقيقة التي تساعد الشركة على اتخاذ القرارات الصحيحة. كما يمكن استخدام هذه المعلومات لتحديد الاستثمارات المستقبلية وتخطيط النمو وإدارة المخاطر وغيرها من الأمور الحيوية للشركة.
تحسين الآداء:
يمكن لمحلل البيانات أن يساهم في تحسين أداء الشركة بتحليل عمليات الإنتاج والشراء والتسويق وإدارة المخزون وغيرها. ومن خلال تحليل هذه العمليات، يمكن تحديد المناطق التي تحتاج إلى تحسين وتطوير الخطط اللازمة لتحقيق أهداف الشركة.
الابتكار:
بإمكان المحلل تحديد البيانات التي تساعد على تحديد فرص الابتكار وتطوير منتجات وخدمات جديدة تلبي احتياجات العملاء. وعن طريق تحليل البيانات، يمكن حصر تلك الاحتياجات وتوقع الاتجاهات الجديدة وتحديد فرص الابتكار.
تحسين تجربة العملاء:
يعمل محلل البيانات على تحسين تجربة العميل من خلال دراسة بيانات العملاء المختلفة وتحليلها لفهم نقاط القوة والضعف لديهم وتحديد العوامل التي تؤثر على رضاهم وتجربتهم العامة. بناءً على تلك النتائج، يمكن للمحللين أن يقترحوا تحسينات للخدمات أو المنتجات المقدمة للعملاء، مما يؤدي لزيادة الولاء وكسب ثقة المتعاملين.
من المتوقع أن يزداد الاهتمام بمحلل البيانات خاصة بعد الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها بعض الشركات فيما يتعلق بتحليل بيانات السوق والذي انعكس أيضا على الخطط التسويقية إذ تمثل الأمثلة أدناه بعض الهفوات الترويجية التي بُنيت على تصورات خاطئة أو “بيانات وهمية” والتي من شأنها أن تتكرر لو لم تُضبط بوصلة التحليل الدقيق للبيانات والتي تشمل أيضا ثقافة الجمهور وعاداته وغيرها من المعايير.